معاريف تكشف مناورات تل أبيب لإسقاط المرحلة الثانية من اتفاق غزة

جيش الاحتلال
جيش الاحتلال

كشفت تقديرات صادرة عن دوائر سياسية وأمنية في إسرائيل عن توجه واضح في تل أبيب للتنصل من الالتزامات المرتبطة بالمرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاصة بغزة، وذلك فور استلام جثمان آخر رهينة إسرائيلي محتجز في القطاع، ووفق هذه التقديرات، ترى القيادة الإسرائيلية أن الانتقال إلى المرحلة التالية يحمل أثمانًا سياسية وأمنية لا ترغب في دفعها.

كابوس مزدوج يهدد الائتلاف الحاكم

وتتعامل إسرائيل، بحسب الإعلام العبري، مع بنود المرحلة الثانية باعتبارها سيناريو بالغ الخطورة، قد يؤدي إلى اهتزاز الائتلاف اليميني الحاكم من الداخل، فتنفيذ هذه البنود، من وجهة نظر تل أبيب، يمنح حركة حماس فرصة للبقاء في غزة ويؤجل أو يعيق مسار نزع سلاحها، مما يتعارض مع الخطاب السياسي والأمني الذي يتبناه التيار الحاكم.

خطة انتظار

وأفادت صحيفة معاريف بأن المستويين السياسي والعسكري يعملان حاليًا على بلورة ما تعرف بـ"خطة الانتظار" وهي مقاربة تقوم على التريث وعدم الدخول في صدام علني مع إدارة ترامب، مع التعويل في الوقت نفسه على فشل تطبيق المرحلة الثانية ميدانيًا، بما يسمح لإسرائيل بالتراجع عمليًا دون إعلان رفض صريح.

سردية أمنية تستند إلى تجارب سابقة

أمنيًا، تسوق إسرائيل قناعة راسخة داخل مؤسساتها مفادها أن أي اتفاق قائم على مبدأ "نقدم أولًا ونحصل لاحقًا" ينتهي عادةً لمصلحة الطرف الآخر، وبحسب هذه الرؤية، فإن الانتقال إلى المرحلة الثانية دون ضمانات حقيقية سيُترجم إلى تعزيز قوة حماس بدل إضعافها.

مأزق سياسي داخلي واتهام بإنعاش حماس

وعلى الصعيد السياسي، ينظر داخل تل أبيب إلى كل خطوة ضمن المرحلة الثانية على أنها بمثابة "قبلة حياة" تمنح حماس شرعية إضافية، وترى أوساط يمينية أن القبول بهذه الترتيبات قد يقود إلى تفكك الكتلة الحاكمة، في ظل اعتراض قوى نافذة على أي مسار لا ينتهي بنزع السلاح بشكل واضح.

تكتيك المراوغة بدل الرفض العلني

إزاء هذا المأزق، تسعى إسرائيل إلى صياغة خطة تكتيكية دقيقة توازن بين عدم القطيعة مع واشنطن، وعدم الالتزام الكامل بخطة ترامب، وتقوم هذه الخطة على إرسال رسائل غير مباشرة تدعو إلى عدم الاستعجال وتجنب تعطيل المبادرة الأمريكية رسميًا، مع الرهان على تعثّرها خلال التنفيذ.

دعوا الخطة تفشل وحدها

وبحسب ما تنقله مصادر إسرائيلية، فإن جوهر الخطة يتمثل في ترك واشنطن تبدأ تحركها دون اعتراض إسرائيلي مباشر، على أن يراهن لاحقًا على فشل الخطة لأسباب ميدانية ولوجستية، وعندها، يمكن لتل أبيب القول إنها حاولت لكنها اصطدمت بواقع غير قابل للتطبيق، مطالبة ببدائل جديدة.

تشكيك واسع بقدرة القوة الدولية

وتستند هذه الاستراتيجية إلى افتراض سائد داخل المؤسسة الإسرائيلية مفاده أن تشكيل قوة دولية قادرة على العمل بين الجيش الإسرائيلي وحماس أمر شديد التعقيد، إذ ترى تل أبيب أن دولًا كبرى لن تغامر بإرسال جنودها إلى هذا المسرح، في حين لا يبدي كل من مصر والأردن حماسًا للتورط، بينما تكتفي الدول الأوروبية – وفق التوصيف الإسرائيلي – بالمواقف السياسية دون التزام عسكري فعلي.

تراجع حماسة الدول المرشحة للمشاركة

ووفق القراءة الإسرائيلية، فإن دولًا كان يُعتقد سابقًا أنها منفتحة على المشاركة في القوة الدولية، مثل أذربيجان، لم تعد متحمسة لإرسال قوات إلى غزة، ما يعزز قناعة تل أبيب بأن المشروع سيتعثر قبل أن يرى النور.

الرهان على تعثر الإعمار والآليات الدولية

وترى إسرائيل أن فشل إنشاء آلية دولية واسعة النطاق، إلى جانب تعثر انطلاق عملية إعادة الإعمار سوف يمنحها لاحقًا فرصة لإبلاغ واشنطن بأن الخطة لم تنجح عمليًا، تمهيدًا لفتح نقاش حول مسار بديل يتوافق – وفق وجهة نظرها – مع الوقائع على الأرض.

واشنطن ترى الأمور من زاوية مختلفة

في المقابل، لا تخفي واشنطن توقعاتها بانتقال سريع إلى المرحلة الثانية فور استلام جثمان آخر رهينة، واستشهدت معاريف بتصريحات السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، الذي أعرب عن أمله بعودة الجثمان خلال 24 إلى 48 ساعة، معتبرة أن هذا التصريح يعكس أولويات الإدارة الأمريكية الحالية.

جثة الرهينة

واختتمت الصحيفة قراءتها بالتأكيد على أن الإدارة الأمريكية لا تعتبر تسليم جثمان الرهينة مجرد خطوة إنسانية أو خاتمة للمرحلة الأولى، بل شرطًا رسميًا للانتقال إلى المرحلة التالية، فبالنسبة لواشنطن، تغلق هذه الخطوة مرحلة "أ" وتفتح تلقائيًا مرحلة "ب" مع توقع واضح بتوقف إسرائيل عن استخدام ملف الرهائن ذريعة لتأجيل استحقاقات الاتفاق.

إرم نيوز