خبراء يحذرون: الاستحمام بالماء البارد قد يعرضك لخطر مفاجئ

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يمكن أن يؤدي الاستحمام بالماء البارد إلى ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم، نتيجة انقباض الأوعية الدموية وتحفيز إفراز هرمونات التوتر، وهو ما قد يشكل خطراً أكبر لدى الأشخاص المصابين بأمراض القلب.

الاستحمام بالماء البارد وتأثيره على القلب

ووفقًا لما ذكرته صحيفة "تايمز أوف إنديا" (Times of India)، فإن الجسم قادر على التكيّف تدريجياً مع التعرض المنتظم للبرودة مع مرور الوقت.

ويوصي التقرير باتباع أسلوب حذر يقوم على خفض درجة حرارة الماء تدريجياً، إلى جانب استشارة الطبيب لضمان السلامة.

كما يعتقد الكثير من الأشخاص أن الاستحمام بالماء البارد يمنح إحساساً باليقظة والانتعاش مع بداية اليوم، غير أن هذه الصدمة الناتجة عن التغير المفاجئ في درجة الحرارة تخفي وراءها استجابة فسيولوجية قد تؤثر بشكل مباشر في الجهاز القلبي الوعائي.

إذ يؤدي التعرض المفاجئ للماء البارد إلى تحفيز سلسلة من التفاعلات في الأوعية الدموية والجهاز العصبي، ما قد يسبب ارتفاع ضغط الدم خلال ثواني، وهو أمر يثير القلق لدى من يعانون من مشكلات قلبية أو اضطرابات في ضغط الدم.

وفي ظل تزايد انتشار الاستحمام بالماء البارد ضمن أنماط اللياقة البدنية والصحة العامة، تبرز أهمية فهم كيفية استجابة الجسم له، لما لذلك من دور في الحفاظ على الصحة العامة واتخاذ قرارات واعية تتعلق بالسلامة الشخصية.

2.JPG
 

آثار سلبية.. وأدلة علمية

عند ملامسة الماء البارد للجلد المكشوف، يكون تضيق الأوعية الدموية من أولى ردود الفعل، حيث تنقبض الأوعية السطحية للحد من فقدان الحرارة، لكن هذا الانقباض يرفع في الوقت ذاته مقاومة الأوعية الدموية.

ويتسبب هذا التضيق في بذل الجهاز القلبي الوعائي جهد أكبر لضخ الدم، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.

وفي الوقت نفسه، ينشط التعرض للبرد الجهاز العصبي الودي، محفزاً إفراز هرمونات التوتر التي ترفع معدل ضربات القلب وتعزز قوة انقباضه، كما تؤدي هذه التغيرات مجتمعة إلى ارتفاع حاد، وأحياناً كبير، في ضغط الدم وزيادة العبء الواقع على القلب.

وفي السياق ذاته، فحصت دراسة نشرت في الدورية الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة تأثير التعرض للهواء البارد، بوصفه نموذجاً للإجهاد الناتج عن البرودة، على ضغط الدم والمؤشرات الحيوية لدى أشخاص أصحاء وآخرين مصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وخلال التعرض للبرد، سجل المشاركون ارتفاعاً واضحاً في ضغط الدم، إلى جانب زيادة في مؤشرات الإجهاد الوعائي.

وأشارت "الدراسة"، إلى وجود آلية بيولوجية واضحة تؤكد أن الاستحمام بالماء البارد، رغم كونه أقل شدة من غمر الجسم بالكامل، قد يحفز استجابة ضغط الدم، لا سيما لدى الأشخاص الأكثر حساسية أو الذين لديهم قابلية مسبقة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

انخفاض مرونة الأوعية الدموية

وقد يؤدي ارتفاع ضغط الدم الناجم عن التعرض للبرد، إلى جانب تضيق الأوعية الدموية الطرفية، واضطراب الجهاز العصبي اللاإرادي، وزيادة إفراز الكاتيكولامينات، إلى زيادة الحمل الواقع على القلب والأوعية الدموية، خاصة لدى من يعانون من ارتفاع طفيف في ضغط الدم أو انخفاض مرونة الأوعية.

3.JPG
 

الأكثر عرضة للمخاطر

ويمكن أن يؤدي الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم الناتج عن الاستحمام بالماء البارد في الإصابة بخطر أكبر على بعض الفئات مقارنة بغيرها، على النحو التالي:

  • الأشخاص المصابون بارتفاع ضغط الدم، أو مرض الشريان التاجي، أو اضطرابات نظم القلب، أو من لديهم تاريخ مع السكتة الدماغية، قد يتعرضون لإجهاد مفرط في القلب بسبب الزيادة المفاجئة في مقاومة الأوعية الدموية ومعدل ضربات القلب.
  • في بعض الحالات الشديدة، ارتبط غمر الجسم بالكامل بالماء البارد بإجهاد القلب أو حتى بحدوث مشكلات وعائية تشبه السكتة الدماغية، خصوصاً عندما يكون التعرض سريعاً وشاملاً للجسم بدلاً من الاستحمام المعتدل.
  • يؤدي التعرض للبرد إلى ارتفاع مؤشرات الإجهاد البيوكيميائي، ما قد يؤثر في الدورة الدموية على المدى القصير، وقد يتسبب في إجهاد وعائي يستمر حتى بعد زوال تأثير البرودة.
  • قد يسبب الانقباض المفاجئ للأوعية الدموية شعوراً بعدم الراحة أو الدوار أو ضيق التنفس أثناء محاولة الجسم التكيّف.
  • يمكن أن تؤدي الصدمات التي يتعرض لها الجهاز القلبي الوعائي إلى اضطرابات مؤقتة في نظم القلب أو استجابات مفرطة لدى الأشخاص غير المعتادين على هذا النوع من الإجهاد.

تكيف الجسم مع الماء البارد

وفي سياق متصل، تشير بعض البيانات إلى أن الجسم قادر على التكيّف مع التعرض المتكرر للبرد الخفيف مع مرور الوقت، ففي حالات السباحين المعتادين على المياه الباردة أو الأشخاص الذين يعيشون في مناخات باردة، يظهر الجهاز الوعائي أحياناً قدرة أعلى على التحمل، مع استجابات انقباض أقل حدة عند تكرار التعرض.

كما تسهم هذه الاستجابة التكيفية في تقليل حدة ارتفاع ضغط الدم، والحد من ذروة الارتفاعات، ما يساعد الدورة الدموية على الاستقرار بشكل أكثر سلاسة مع تأقلم الجسم، ومع ذلك، يظل الفرق بين التعرض التدريجي المُتحكم فيه والغمر المفاجئ عاملاً حاسماً.

وتعتمد الدراسات عادة على ظروف مقاسة، مثل التعرض لهواء بارد أو ماء بدرجات حرارة معتدلة غير متطرفة، مع مدة تعرض محددة.

وفي ظل هذه الظروف، تبدو استجابة ضغط الدم قابلة للسيطرة لدى البالغين الأصحاء، رغم احتمال ارتفاع مؤشرات الإجهاد الوعائي بشكل مؤقت، ما يشير إلى وجود إجهاد كامن حتى في غياب أعراض واضحة.

الاستمتاع بالماء البارد بأمان

وبسبب اختلاف استجابة الأفراد للبرودة، يعتبر اتباع نهج حذر الخيار الأمثل لتحقيق توازن بين الفوائد المحتملة والسلامة، وينصح بالبدء بتخفيضات بسيطة في درجة حرارة الماء بدلاً من الغمر الكامل بالماء البارد، لإتاحة الوقت الكافي للجهازين الدوري والعصبي للتكيّف.

كما يمكن أن يساعد التأقلم التدريجي في تقليل حدة انقباض الأوعية الدموية والحد من ارتفاع ضغط الدم، مع الحفاظ على التأثير المنعش أو المنبه الذي قد يوفره البرد.

أما الأشخاص المصابون بارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب أو مشكلات الدورة الدموية، أو من لديهم تاريخ مرضي قلبي، فإن استشارة الطبيب قبل تجربة الاستحمام بالماء البارد تعد خطوة ضرورية، كما أن مراقبة أعراض مثل الدوار، أو الخفقان، أو ضيق التنفس، أو التعب غير المعتاد، تساعد في تقييم مدى أمان هذا السلوك على صحة الجسم.

ويعمل تجنب عوامل إجهاد أخرى خلال التعرض للبرد، مثل المجهود البدني الشديد، أو الجفاف، أو الإفراط في تناول الكافيين، على تقليل الضغط التراكمي على القلب، وإذا رغب الشخص في الاستحمام بالماء البارد، فإن استخدام ماء فاتر أو بارد معتدل بدلاً من شديد البرودة قد يحقق توازناً أكثر أماناً، مع الحفاظ على الإحساس بالانتعاش.

العربية