هل القيلولة ضارة أم مفيدة؟.. دراسة علمية تحسم الجدل

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

لطالما جرى الترويج للقيلولة باعتبارها وسيلة فعالة لتعزيز اليقظة، وتحسين المزاج، ودعم الذاكرة، ورفع مستويات الإنتاجية، غير أنها قد تتحول لدى بعض الأشخاص إلى عامل يربك النوم الليلي بدلًا من تحسينه.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية نقلًا عن موقع The Conversation، فإن القيلولة تعد سلاحًا ذا حدين إذا لم تُمارس بالشكل الصحيح، بحسب تالار مختاريان، الأستاذة المساعدة في الصحة النفسية بكلية طب جامعة وارويك.

وأوضحت "مختاريان"، أن القيلولة يمكن أن تكون مفيدة للغاية عندما تؤخذ بصورة صحيحة، إذ تساعد على إعادة شحن الدماغ، وتعزيز التركيز، ودعم الصحة النفسية والجسدية، لكنها في المقابل قد تتسبب، إذا أُسيء استخدامها، في الشعور بالخمول والتشوش وصعوبة النوم لاحقًا.

كما يكمن جوهر المسألة في فهم آلية تنظيم الجسم لدورات النوم واليقظة.

2.JPG
 

وجبة الغداء والساعة البيولوجية

يشهد أغلب الأشخاص انخفاضًا طبيعيًا في مستويات اليقظة خلال فترة ما بعد الظهر المبكرة، عادة بين الساعة الواحدة والرابعة، ويعزى ذلك إلى تناول وجبة غداء دسمة، إضافة إلى تأثير الساعة البيولوجية أو ما يُعرف بالإيقاع اليومي، الذي ينظم دورات النشاط والتعب على مدار اليوم.

ويعتبر الشعور بالهدوء والنعاس خلال هذه الفترة جزءًا طبيعيًا من هذا الإيقاع.

ضوء ساطع بعد القيلولة

كما تشير الدراسات إلى أن أخذ قيلولة قصيرة خلال هذا التوقيت، يفضل أن يعقبها التعرض لضوء ساطع، قد يسهم في التغلب على التعب وتعزيز اليقظة وتحسين القدرات الإدراكية دون الإضرار بنوم المساء.

وتسمح القيلولات القصيرة للدماغ بالراحة دون الدخول في مراحل النوم العميق، ما يسهل الاستيقاظ بشعور أكثر انتعاشًا.

جانب سلبي

في المقابل، قد تؤدي القيلولة الطويلة إلى نتائج عكسية، إذ يشعر الشخص أحيانًا بحالة أسوأ بعد الاستيقاظ، نتيجة ما يعرف بـ"خمول النوم"، وهو إحساس بالدوار والتشوش الذهني يحدث عند الاستيقاظ من مراحل النوم العميق.

3.JPG
 

خمول لمدة ساعة

كما تظهر الأبحاث أن الاستيقاظ من النوم العميق قد يتسبب في شعور بالخمول يستمر لما يقارب ساعة كاملة، وهو أمر قد يحمل مخاطر إذا حاول الشخص بعدها أداء مهام تتطلب درجة عالية من التركيز أو السلامة، مثل اتخاذ قرارات مصيرية أو تشغيل الآلات، كما أن القيلولة في وقت متأخر من اليوم قد تضعف ما يعرف بـ"ضغط النوم"، أي الدافع الطبيعي للجسم للنوم، ما يصعب الخلود إلى النوم ليلًا.

حالات الضرورة

وبالنسبة لبعض الفئات، تعتبر القيلولة أمرًا ضروريًا، فالعاملون بنظام المناوبات غالبًا ما يعانون من اضطرابات النوم بسبب جداول العمل غير المنتظمة، ويمكن أن تساعدهم القيلولة المدروسة قبل نوبات العمل الليلية على تعزيز اليقظة وتقليل مخاطر الأخطاء والحوادث.

كذلك يستفيد الأشخاص الذين يعانون باستمرار من قلة النوم الليلي، سواء بسبب العمل أو متطلبات الأبوة أو غيرها، من القيلولة لتعويض جزء من نقص النوم.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الاعتماد على القيلولة بدلًا من تحسين جودة النوم الليلي يعد حلًا مؤقتًا لا يمكن الاستمرار عليه، ولهذا ينصح الأشخاص الذين يعانون من الأرق المزمن بتجنب القيلولة نهائيًا، لأن النوم خلال النهار قد يضعف قدرتهم على النوم ليلًا.

القيلولة المخطط لها

تلجأ بعض الفئات إلى القيلولة المخطط لها كوسيلة لتحسين الأداء، حيث يدرجها الرياضيون ضمن برامجهم التدريبية لتسريع تعافي العضلات وتحسين مؤشرات الأداء، مثل سرعة الاستجابة والقدرة على التحمل.

كما تشير الأبحاث إلى أن العاملين في المهن التي تتطلب تركيزًا عاليًا، كالعاملين في القطاع الصحي وأطقم الطيران، يستفيدون من قيلولات قصيرة ومخطط لها للحفاظ على التركيز وتقليل الأخطاء الناتجة عن الإرهاق.

كيفية أخذ قيلولة جيدة

للحصول على قيلولة فعّالة، يعتبر التوقيت والبيئة عاملين أساسيين، إذ ينصح بأن تتراوح مدتها بين 10 و20 دقيقة لتجنب الشعور بالخمول، ويفضل أن تكون قبل الساعة الثانية ظهرًا، لأن القيلولة المتأخرة قد تؤثر سلبًا في دورة النوم الطبيعية.

كما تعد البيئة المثالية للقيلولة باردة ومظلمة وهادئة، بما يشبه أجواء النوم الليلي، ويمكن الاستعانة بأقنعة العين أو سماعات عزل الضوضاء، خاصة في الأماكن المضيئة أو الصاخبة.

وفي النهاية، ورغم فوائد القيلولة، فإنها ليست مناسبة للجميع، إذ تتأثر فائدتها بعوامل عدة، من بينها العمر ونمط الحياة والعادات الأساسية للنوم، ولذلك تبقى القيلولة الجيدة مسألة تخطيط وفهم، تتطلب معرفة التوقيت والطريقة، بل وتحديد ما إذا كانت القيلولة خيارًا مناسبًا من الأساس.

العربية