أكبر عملية (أسر ) في تاريخ الثورة الفلسطينية 

الشهيد ياسر عرفات
الشهيد ياسر عرفات

(الجزء الثالث من تاريخ القوة البحرية الفلسطينية )

معركة اللاذقية البحرية 

بقلم:محمد جهاد إسماعيل 

في مساء يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣، أي بعد ساعات قليلة من اندلاع القتال على جبهتي قناة السويس والجولان، اتصل أبو جهاد بقيادة القوة البحرية، وأخبرها أنه علم من مصادره - في الداخل المحتل - بأن البحرية الإسرائيلية تحشد قطعاتها، وتتحضر لحملة بحرية قوية، تستهدف بها الساحل السوري. 

أكد أبو جهاد أن البحرية الإسرائيلية ستشن هجومها في غضون ساعات، وأمر القوة البحرية بالإسراع الفوري، في التنسيق مع البحرية السورية، وفي التهيؤ للقتال. 

هرول قائد القوة البحرية، إلى مكتب قائد البحرية السورية  العميد عدنان، ليبلغه بإنذار أبو جهاد، أن الأسطول الحربي الإسرائيلي في طريقه لضرب سوريا. وليبلغه أيضا أنه تلقى تعليمات من القيادة الفلسطينية، بأن يضع نفسه هو وكل طاقات البحرية الفلسطينية، تحت إمرة البحرية السورية. 

عقد اجتماع عاجل في مكتب العميد عدنان، حضره قادة البحريتين السورية والفلسطينية. وتم رسم الخطوط العريضة للخطة الدفاعية، وكيفية التصدي للأسطول الحربي الإسرائيلي. وأمام خارطة كبيرة للقطر السوري، وقف القادة يقسمون الساحل: إلى أجزاء توكل مهمة حمايتها للبحرية السورية، وأجزاء أخرى توكل مهمة حمايتها للبحرية الفلسطينية. 

أخرجت القوة البحرية الفلسطينية مخزونها من الزوارق، ليكون تحت تصرف المقاتلين الفلسطينيين والسوريين. وقامت بنصب عدد من الكمائن داخل البحر. وحشدت ميليشيا مخيم الرمل على امتداد يابسة الساحل، لتكون ساندة لها في القتال، ولتحمي ظهرها، وتتصدى لأي محاولة انزال أو التفاف إسرائيلي. 

في الساعات الأولى من ٧ أكتوبر ١٩٧٣ بدأت القطع البحرية الإسرائيلية في الوصول للمياه السورية. لتباشر عدوانها على  الساحل السوري، وعلى القطع البحرية السورية المنتشرة في البحر. اندلعت منازلات صاروخية  بين الزوارق الإسرائيلية والسورية، وكانت الغلبة فيها للإسرائيليين، فاضطر السوريين - لأجل تعديل الكفة - إلى الدخول كاستشهاديين في الزوارق المعادية  وتفجيرها بطريقة كاميكازي. 

الصيد الثمين 

تقدمت بعض القطع الإسرائيلية من ميناء اللاذقية المدني، وكان  أحد كمائن البحرية الفلسطينية متواجدا هناك في تلك المنطقة. كان الكمين عبارة عن زورق، متخفي بين السفن التجارية، الراسية في الميناء. 

باغت الزورق الفلسطيني أحد القطع الإسرائيلية المتقدمة، فانهال عليها طاقم الزورق بعدد من قذائف RPG  . لتشتعل النيران في القطعة البحرية الإسرائيلية، ويتمكن الزورق الفلسطيني وطاقمه من تحقيق النجاة والانسحاب. 

بعد هذه الضربة بقليل، أمسكت القوة البحرية ومعها ميليشيا مخيم الرمل عشرة أسرى صهاينة، كانوا قد قفزوا إلى المياه، بعد اشتعال النار في القطعة البحرية الإسرائيلية المستهدفة. 

تم اقتياد الأسرى إلى أحد النقاط الآمنة، ووضعت عليهم حراسة مشددة، لإجهاض أي محاولة إنزال قد تأتي لافتكاكهم. 

طلب العميد عدنان من البحرية الفلسطينية أن تسلمه الأسرى، من أجل تأمينهم بشكل أفضل داخل العمق السوري، ومن أجل دمجهم بالأسرى الإسرائيليين، الذين أسرهم الجيش السوري على جبهة الجولان. 

نقلت قيادة البحرية مطلب العميد عدنان للقيادة الفلسطينية، فجاء رد أبو عمار كما يلي: ( لا تنسوا فضل البحرية السورية عليكم في التكوين والبدايات، أعطوا العميد عدنان ما يريد ). 

دعم الثورات وحركات التحرر 

لعبت القوة البحرية الفلسطينية دورا بارزا في دعم الثوار والأمميين العالميين. فدعمت الثورة الأريتيرية، ودعمت الثوار الأيرلنديين، والثوار اليساريين في تركيا، وكذلك حركة الفهود السود الأمريكية، إضافة إلى ثورات أخرى وثوار آخرين، في أفريقيا، وأمريكا اللاتينية. 

وقد تنوع الدعم الذي تقدمه القوة البحرية الفلسطينية، ما بين تقديم التدريب، والامداد بالسلاح وتموين القتال. 

رفد الأرض المحتلة بالسلاح

كانت القوة البحرية هي القوة الضاربة، التي تركن إليها حركة فتح - لتعديل الموازين - في أي مواجهة، تكون الغلبة في بدايتها للعدو. ولطالما تم استدعاء القوة البحرية، لتدلي بدلوها في المعارك البرية، فرجال القوة البحرية كانوا  أسودا في القتال إن كان بحرا أو في البر. ولطالما نجحت القوة البحرية في تعديل الموازين، بل وأحيانا في ترجيح كفة فتح، كما حدث مثلا في معركة العرقوب. 

كانت القوة البحرية هي الذراع الممتدة للثورة الفلسطينية، فكانت تصل إلى أي نقطة، تحددها القيادة على ساحل الأرض المحتلة، لتنقل العتاد والسلاح للفدائيين في غزة والضفة وأراضي ال٤٨. 

أيضا كانت لدى القوة البحرية قدرة مذهلة على الإقناع، وتجنيد الأنصار إلى جانب قضيتنا الفلسطينية. فلطالما نجحت القوة البحرية في استمالة المهربين والقراصنة ورجال المافيا وتجار المخدرات، وقامت بتحويلهم إلى خدام للثورة الفلسطينية، يحملون السلاح على متن زوارقهم، ويلقون به قبالة غزة.

البوابة 24