وحدة "يهلوم" تنزف في غزة: كمائن القسام تفضح فشل التكنولوجيا أمام عبقرية الأنفاق

كتائب القسام
كتائب القسام

منذ بداية العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في أكتوبر 2023، تحول اسم وحدة "يهلوم"، وهي وحدة الهندسة القتالية الخاصة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلى رمز لحرب معقدة تخوضها إسرائيل في باطن الأرض، حيث أصبحت الأنفاق التي أنشأتها المقاومة الفلسطينية الكابوس الأكبر لتلك الوحدة التي توصف بأنها الأكثر تدريبًا وتسليحًا في الجيش.

ورغم أن "يهلوم" تعد من وحدات النخبة المجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية، فقد تكبدت خسائر بشرية وميدانية فادحة، في معركة غير تقليدية جعلت الأرض الفلسطينية فخًا ذكيًا، حول كل مبنى وكل نفق وكل شبر من غزة إلى ساحة اشتباك مفخخة يصعب التنبؤ بها.

اقرأ أيضًا:

من هي "يهلوم"؟

تلقب الوحدة بـ"العيون التي ترى تحت الأرض"، وتصنف "يهلوم" كأرفع وحدة هندسية قتالية في الجيش الإسرائيلي، ويعود تأسيسها إلى ستينيات القرن الماضي، ويُطلق على اسمها بالعبرية "الماسة"، وعلى الرغم من كونها ليست ضمن وحدات المشاة، إلا أنها تعتبر ضمن الكوماندوس النخبوي لما تتمتع به من مهارات خاصة تشمل التخلص من القنابل، تفكيك العبوات الناسفة، اكتشاف الأنفاق، التخريب الهندسي، والهجوم الصامت.

وتنقسم "يهلوم" إلى خمس فرق تشغيلية وأربع فرق مختصة ببناء القوة، وتعمل بشكل مستقل أو بالتنسيق مع وحدات خاصة أخرى، وتنفذ عملياتها في الغالب بسرية تامة. وقد برز دورها بشكل خاص في المعارك السابقة في غزة وجنوب لبنان، لكن في هذه الحرب، دخلت إلى مستوى جديد من التحديات، خاصة في محور رفح وخان يونس والشجاعية.

مهمات في عمق الخطر

منذ انطلاق العمليات البرية في غزة، أوكلت لـ"يهلوم" مهمات معقدة تتمثل في كشف وتفجير الأنفاق التي تعتبر العمود الفقري لتكتيكات المقاومة الفلسطينية، وقد واجهت الوحدة في هذه المناطق تحديات جمة تمثلت في كمائن هندسية وعبوات ناسفة متطورة وشبكات أنفاق مصممة بخداع استخباراتي عالي المستوى.

ووفقًا لتقارير إسرائيلية، فإن "يهلوم" نجحت في تفجير أكثر من 30 نفقًا حتى الآن، لكنها تعرضت في المقابل لضربات مباشرة وخسائر كبيرة جراء فخاخ هندسية زرعتها المقاومة داخل الأنفاق والمباني، أودت بحياة عدد من ضباط وجنود الصف الأول.

خسائر فادحة رغم الرقابة

رغم محاولات التعتيم التي تفرضها الرقابة العسكرية الإسرائيلية، كشفت وسائل إعلام عبرية عن مقتل 37 جنديًا من عناصر "يهلوم"، من بينهم ضباط خبراء في المتفجرات والأنفاق، أبرزهم:

الرائد نوعام روزنفيلد: أحد أبرز خبراء الأنفاق، لقي مصرعه إثر انفجار نفق مفخخ جنوب القطاع.

ضابط الصف عوزي نحماني: قتل أثناء محاولة تفكيك عبوة ناسفة داخل مبنى مفخخ.

النقيب نوعام رافيد والرقيب يحيى شرور: قتلا في حي الجنينة شرق رفح نتيجة عبوة ناسفة تم تفجيرها عن بعد أثناء تفقدهم مدخل نفق.

كما سجلت إصابات متعددة لعناصر الوحدة، من بينهم ضباط كبار، حيث تراوحت الجراح بين المتوسطة والخطيرة.

تخبط وتخلي عن الجنود

من أبرز الحوادث التي أثارت الجدل في إسرائيل، ما كشفته إذاعة جيش الاحتلال حول حادثة وصفت بـ"غير الاعتيادية"، حيث تخلت وحدة "يهلوم" عن أحد أفرادها خلال عملية انسحاب جنوب القطاع، ولم يكتشف غيابه إلا بعد مرور ساعة على انسحاب الوحدة من أرض المعركة.

الجندي، الذي ترك في منطقة تعرف بأنها "أرض عدو"، تمكن من الالتحاق بقوات تابعة للواء "غولاني" كانت متمركزة في ذات المنطقة، وجرى فتح تحقيق فوري في الحادثة، التي اعتبرت مؤشرًا على حالة الفوضى والارتباك داخل صفوف الجيش.

صدمة استخباراتية وفشل تكنولوجي

أجمع محللون عسكريون إسرائيليون، من بينهم "روني دانئيل" و"ألون بن دافيد"، أن وحدة "يهلوم" واجهت في غزة أحد أعقد وأخطر مسارح العمليات تحت الأرض في التاريخ العسكري الحديث. 

وأقر هؤلاء بأن ما وصفوه بـ"تفوق التكنولوجيا" لم يكن كافيًا لمواجهة براعة المقاومة، التي نجحت في إنشاء أنفاق بفخاخ مزدوجة، وممرات مضللة، وألغام مُعدّة بدقة لتعطيل وحدات الاقتحام.

وفي هذا السياق، وصف اللواء فايز الدويري، الخبير العسكري، وحدة "يهلوم" بأنها أكثر الوحدات المتخصصة في جيش الاحتلال، وتحديدًا في ما يتعلق بالتعامل مع الأنفاق وتفخيخ المنازل وتفكيك العبوات، لكنه أشار إلى أن إرهاقها القتالي المستمر على مدار أكثر من 18 شهرًا أدى إلى تراجع أدائها ودفعها إلى ارتكاب أخطاء قاتلة.

وكالة شهاب الإخبارية