في تطور جديد على صعيد الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب المشتعلة في قطاع غزة، كشفت وكالة بلومبيرغ عن تحركات تقودها فرنسا والمملكة العربية السعودية بهدف التوصل إلى مقترح هدنة جديد، يقوم على نزع سلاح حركة حماس وتهيئة الظروف لتفكيكها بشكل تدريجي، تمهيدًا لتحويلها إلى كيان سياسي صرف يمكن أن يشارك في الحكم الفلسطيني مستقبلاً.
ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة – فضلت عدم الكشف عن هويتها – أن الهدف الأساسي من المبادرة هو تغيير وظيفة حماس من حركة مسلحة إلى لاعب سياسي، مع الإبقاء على جزء من نفوذها ضمن هيكل السلطة الفلسطينية، وهو ما تعتقد باريس والرياض أنه قد يُشجع الحركة على التخلي عن سلاحها طواعية، إلا أن هذه المعلومات لم تحظَ حتى الآن بتأكيد رسمي من أي من الحكومتين الفرنسية أو السعودية.
رفض قاطع
في المقابل، تبدو إسرائيل في موقف الرافض القاطع لهذه الفكرة، حيث تصر حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على عدم منح حماس أي دور سياسي في مرحلة ما بعد الحرب، معتبرة أن تفكيك الحركة بشكل كامل شرط أساسي لتحقيق الأمن القومي الإسرائيلي.
اقرأ أيضًا:
- في ظل تعثر المفاوضات.. دعوات داخلية في إسرائيل لمخطط بديل يعيد ترتيب أوراق غزة
- مفاوضات الدوحة بين ضغط الضمانات وتصلب المواقف.. ومسؤول إسرائيلي يحدد شرط وقف الحرب
وتزداد التوترات الدبلوماسية بين تل أبيب وباريس، خاصة في ظل محاولات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دفع عدد من الدول الأوروبية للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية.
وفي ذات السياق، من المرتقب أن تستضيف الأمم المتحدة مؤتمرًا دوليًا في نيويورك الشهر المقبل برعاية فرنسية-سعودية مشتركة، يهدف إلى إعادة طرح حل الدولتين على الطاولة، وحشد الدعم الدولي له، في خطوة لا تزال الولايات المتحدة – الحليف الأكبر لإسرائيل – تلتزم الصمت حيالها، فيما ترفض إسرائيل بشكل قاطع فكرة إقامة دولة فلسطينية، خصوصًا بعد هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، الذي شكل شرارة اندلاع الحرب الحالية.
غضب فلسطيني
في موازاة التحركات الدولية، بدأت تظهر مؤشرات على تململ شعبي متزايد داخل غزة تجاه حماس، التي تدير القطاع منذ عام 2007، فقد شهدت مناطق في جنوب غزة احتجاجات متواصلة لليوم الثالث على التوالي، تخللتها هتافات مباشرة تطالب برحيل حماس عن الحكم، مثل: "بره بره بره.. حماس لازم تطلع"، وفق ما أظهرته مقاطع فيديو تداولها نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وذهب بعض المتظاهرين إلى حد مناشدة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية للعودة إلى حكم غزة، في مؤشر على رغبة بعض المواطنين في تغيير المشهد السياسي والأمني الذي أرهقهم على مدار سنوات من الحصار والحروب.
وفي هذا الإطار، دعا كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونائبه حسين الشيخ الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، إلى تسليم سلاحها وتوحيد الصف الفلسطيني من أجل تحقيق مكاسب وطنية أوسع.
شروط نتنياهو القاسية لوقف الحرب
على الجانب الآخر، وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سلسلة من الشروط لإنهاء الحرب التي أودت بحياة أكثر من 53 ألف فلسطيني، وفق تقديرات وزارة الصحة في غزة. وتتضمن هذه الشروط:
- إعادة جميع الرهائن الإسرائيليين،
- نزع سلاح حماس بالكامل،
- رحيل الحركة عن السلطة في قطاع غزة.
ويعتقد أن نحو 20 من أصل 58 رهينة لا يزالون على قيد الحياة في القطاع، وفقًا لنتنياهو، الذي كرر في تصريحات إعلامية أن إسرائيل ستفرض سيطرة كاملة على غزة فور انتهاء العمليات القتالية، بينما أعلن الجيش أنه يستعد لـ"هجوم غير مسبوق" ضد حماس.
وسط هذه الأجواء المشحونة، تتكثف الضغوط الدولية على إسرائيل، حيث طالبت كل من كندا وفرنسا والمملكة المتحدة بوقف الهجوم العسكري المتجدد، ورفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية.
وفي جلسة استماع أمام الكونغرس، عبر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن تفاؤله بإمكانية الوصول إلى حل قريب، مضيفًا: "لا يمكن الحديث عن مستقبل مستقر في غزة طالما أن حماس لا تزال تسيطر على المشهد".