في تطور لافت على مسار المفاوضات المتعثرة بين إسرائيل وحركة حماس، كشف تقرير صادر عن هيئة البث الإسرائيلية أن حكومة الاحتلال تتجه نحو تصعيد عسكري واسع النطاق في مواجهة الحركة، وذلك بعد أن تلقت تل أبيب رد حماس الرسمي على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، والذي لم يرقى إلى تطلعات القيادة الإسرائيلية.
ووفقًا للتقرير، تستعد المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لتكثيف عملياتها الميدانية ضد مواقع ومراكز نفوذ حماس، وتحديدًا في شمال قطاع غزة، في خطوة تهدف إلى زيادة الضغط على قيادة الحركة وإحداث تحول في مواقفها خلال جولات التفاوض المقبلة.
تصعيد عسكري
وأشارت المصادر العبرية إلى أن هذا التصعيد يحمل طابعًا مركزا وموجهًا، حيث تسعى إسرائيل من خلاله إلى كسر حالة الجمود وإجبار حماس على إبداء مرونة أكبر، خاصة من جانب قياداتها الفاعلة داخل القطاع.
اقرأ أيضًا:
- تصعيد متوقع في غزة بعد رد حماس: إسرائيل تدرس الرد وتخطط لخطوات عسكرية وإنسانية جديدة
- حماس تفاجئ الوسطاء بردها الأخير على مقترح ويتكوف.. هل اقتربت الهدنة؟ (تفاصيل)
ولم يقتصر التوجه الإسرائيلي على الجانب العسكري فحسب، بل تطرق التقرير أيضًا إلى احتمالية إدخال تعديلات على آلية توزيع المساعدات الإنسانية، بما يشمل إدخال شاحنات غذاء إضافية وفتح مزيد من نقاط توزيع المعونات داخل القطاع.
وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، فإن هذه الخطوة تستخدم كورقة ضغط غير تقليدية، حيث تؤثر بشكل كبير على سيطرة حماس على الأرض، وتضعف من حضورها أمام السكان المحليين، وفق تعبير أحد المصادر.
وفي السياق نفسه، أكدت هيئة البث العبرية نقلاً عن مصدر إسرائيلي مطلع على مجريات التفاوض، أن الضغوط من قبل الوسطاء الإقليميين والدوليين لا تزال مستمرة، سواء على الجانب الإسرائيلي لقبول بعض التحفظات التي أبدتها حماس، أو على الحركة نفسها لتقديم تنازلات تسهل الوصول إلى اتفاق نهائي.
وأضاف المصدر أن الولايات المتحدة، عبر مبعوثها ويتكوف، تمارس ضغوطًا مباشرة على الجانبين في محاولة لتقريب وجهات النظر وتحقيق اختراق ملموس في هذا الملف الشائك.
رد حماس على المقترح الأميركي
وفي أول رد فعل رسمي، أعلنت حركة حماس، السبت، أنها سلمت ردها الكامل على مقترح المبعوث الأميركي إلى الوسطاء، بعد إجراء جولة واسعة من المشاورات الداخلية والمشاورات الوطنية مع مختلف الفصائل.
وفي بيان صحفي، أكدت الحركة أنها تعاملت مع المبادرة الأميركية انطلاقًا من "مسؤوليتها الوطنية تجاه شعبنا الفلسطيني ومعاناته الإنسانية المتفاقمة"، مشددة على أن الرد يهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب شامل وكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل منتظم وآمن إلى الأهالي في مختلف مناطق القطاع.
كما تضمن الرد، وفق البيان، استعداد الحركة لإتمام صفقة تبادل إنسانية تشمل إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين أحياء تحتجزهم المقاومة، وتسليم جثامين 18 آخرين، مقابل عدد يتم التوافق عليه من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
ويشار إلى أن المقترح الأميركي الذي تم تداوله مؤخرًا، ينص على هدنة مؤقتة تستمر لمدة 60 يومًا، تتضمن خلالها عملية تبادل تدريجية تشمل الإفراج عن 28 رهينة إسرائيلية من أصل 58 لا يزالون محتجزين في غزة، مقابل إطلاق سراح أكثر من 1200 أسير فلسطيني.
كما يتضمن الاتفاق البنود المتعلقة بتوسيع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وتثبيت آليات رقابة دولية على عملية التوزيع.
نتنياهو يرفض
في المقابل، جاء موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رافضًا بشكل واضح لمطالب حماس، حيث أكد في تصريحاته أن الحركة "ما زالت ترفض مبادرة ويتكوف"، مشددًا على أن إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية في القطاع حتى تحقيق هدفين رئيسيين: استعادة كافة الرهائن، وهزيمة حماس ميدانيًا وتنظيميًا.
كما جدد نتنياهو موقفه المتشدد بضرورة نزع سلاح الحركة كليًا، وتفكيك منظومتها العسكرية، وإنهاء سيطرتها الإدارية على قطاع غزة، كشرط لأي اتفاق محتمل.
أما المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، فقد أبدى خيبة أمله من الرد الذي تلقاه من حماس، حيث وصفه في منشور نشره على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) بأنه "غير مقبول تمامًا"، مشيرًا إلى أن هذا الرد يعيد المفاوضات إلى الوراء بدلًا من التقدم نحو حل.
وأكد ويتكوف أنه ما زال يؤمن بأن الإطار الذي قدمه يمكن أن يكون أساسًا لانطلاق محادثات غير مباشرة بين الطرفين، داعيًا حماس إلى العودة إلى طاولة التفاوض بشكل فوري اعتبارًا من هذا الأسبوع.
من جانبه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تصريح له يوم الجمعة، إنه يتوقع "قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار"، معتبرًا أن مقترح مبعوثه الحالي يضع أساسًا واقعيًا للحل رغم الخلافات المستمرة.