تحليل عسكري إسرائيلي يفجر مفاجأة: خطة احتلال غزة تواجه عقبة قاتلة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 

شكك محللون عسكريون إسرائيليون، اليوم الأحد، في إمكانية تنفيذ قرار الكابينيت السياسي – الأمني الصادر أول من أمس، بشأن احتلال قطاع غزة بالكامل، محذرين من تداعيات ردود الفعل الدولية، وخاصة إعلان المستشار الألماني فريدريش ميرتس وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.

خطة لا تهدف إلى السيطرة الفعلية

وفي هذا الإطار، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، أن الأمر لا يتعلق باحتلال حقيقي لغزة ولا بخطة هدفها الفعلي السيطرة على القطاع، بل هي تحرك يهدف إلى كسب الوقت من أجل صفقة جزئية لتبادل المخطوفين، كتلك التي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معارضته لها، مع تسويق أسطورة "هجوم واسع" لقواعده الانتخابية، رغم ما قد يسببه ذلك من مواجهات مع المجتمع الدولي والرأي العام الإسرائيلي الذي يرفضها.

وأشار "يهوشواع"، إلى أن هذه الخطة لن تنفذ على الأرجح، لكن ثمن "التسونامي السياسي" والانقسام الداخلي سيدفعه المجتمع الإسرائيلي، مؤكداً أنها ليست خطة لهزيمة حماس، بل لإبرام صفقة، وأن القرار يحول الجيش الإسرائيلي إلى أداة في لعبة سياسية تحت ضغط.

كما أوضح "يهوشواع"، أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، وصف هذه الخطة بأنها "مصيدة إستراتيجية"، لافتًا إلى أن تنفيذها يتطلب إخلاء قرابة مليون من سكان غزة دون وجود مكان يمكنهم اللجوء إليه، وهي عملية مستحيلة في ظل الدمار الواسع وغياب الحلول الإنسانية، إضافة إلى الإرهاق الذي تعانيه القوات وتراجع الشرعية الدولية.

فجوة بين القرار والواقع

من جهته، شدد المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، على وجود فجوة واسعة بين طريقة عرض قرار الكابينيت بشأن توسيع القتال في غزة، وبين تبعاته الفعلية، لافتاً إلى أن صياغات القرار واشتراطاته قد تؤجل تنفيذه لمدة تصل إلى شهرين، إن تم تنفيذه أصلاً.

ولفت "هرئيل"، إلى أن نتنياهو سيواجه عقبتين أساسيتين في حال أراد احتلال القطاع: الأولى هي مطالب الولايات المتحدة باتخاذ خطوات إنسانية، تشمل إدخال مساعدات ضخمة، وإنشاء مراكز توزيع متعددة، وإخلاء تدريجي وحذر للسكان الفلسطينيين من مدينة غزة ومحيطها، وهو أمر يستغرق وقتاً ويتطلب تعاون منظمات دولية لا تخضع للجدول الزمني الإسرائيلي.

فيما تتعلق العقبة الثانية، باستدعاء قوات الاحتياط، إذ يحتاج الجيش إلى ما بين 120 ألفاً و250 ألف عنصر، في ظل انخفاض كبير في نسبة الامتثال داخل وحدات الاحتياط، مما يدفع الضباط إلى استدعاء عناصر غير منتسبين لوحداتهم وتحويل الخدمة العسكرية خلال الأزمات إلى مصدر دخل يتنقلون من خلاله بين القيادات والكتائب.

كما أكد "هرئيل"، على أن نص بيان الكابينيت جاء محدوداً مقارنة بالتوقعات التي يروج لها نتنياهو وأنصاره، حيث لم يذكر "احتلالاً" بل "سيطرة"، ولم يتضمن الإشارة إلى "الهجرة الطوعية" أو "المدينة الإنسانية"، وهو ما قد يكون نتيجة الحذر أو إملاء أمريكي، دون وضوح في ما إذا كان القرار موجهاً نحو صفقة مخطوفين أم اتفاق شامل.

مخاطر دولية وضغوط سياسية

وفي السياق ذاته، رأى المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، أن قرار الكابينيت باحتلال مدينة غزة قد يتحول إلى نقطة ضعف، مشيراً إلى تخوفات من أن تنقلب الأوضاع لصالح حماس وتُلحق الهزيمة بإسرائيل.

وأضاف "ليمور"، دليلين على ذلك ظهرا نهاية الأسبوع الماضي: الأول هو قرار ألمانيا فرض حظر على بيع أسلحة قد يستخدمها الجيش الإسرائيلي في حرب غزة، ما قد يقود إلى "تسونامي خطير" إذا حذت دول أخرى حذوها.

أما عن الدليل الثاني، فهو اللقاء الذي جمع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف برئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في إسبانيا، لبحث اتفاق شامل لتبادل الأسرى وإنهاء الحرب، وتقديمه إلى إسرائيل وحماس خلال أسبوعين، ما قد يضع إسرائيل أمام مطلب مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل إلى حل عاجل.

وفي سياق متصل، أشار "ليمور"، إلى أن الضغوط الدولية المتصاعدة قد تؤدي الشهر المقبل إلى اعتراف دول كبرى بدولة فلسطينية، مع تصاعد المطالب بفرض إنهاء الحرب على إسرائيل دون شروط مريحة لها، محذراً من تجاهل الحكومة الإسرائيلية لهذه المخاطر، بما فيها احتمال مقتل مخطوفين وجنود.

"حرب أبدية"

كما اعتبر  "ليمور"، أن قرارات الكابينيت تمنح الحكومة مساحة للحفاظ على "حرب أبدية" في غزة تحت شعار القضاء على المسلحين، وهو ما قد يقود إلى إقامة حكم عسكري في القطاع بغياب منظومة إدارية بديلة، مستشهداً بالتجارب التاريخية الفاشلة للقوات الأمريكية في فيتنام وأفغانستان والعراق، وللروس في أفغانستان وأوكرانيا، وللجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، مؤكداً أن الظروف الحالية من حرب ممتدة منذ عامين، وجيش منهك، وانقسام شعبي، وانهيار غير مسبوق في الشرعية الدولية، تجعل نجاح الخطة أمراً بعيد المنال.

يديعوت أحرونوت + هآرتس + يسرائيل هيوم