تواصل الحكومة الإسرائيلية بقيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير تنفيذ سياسة ميدانية قاسية ضد الفلسطينيين، إذ أصدر الوزير تعليمات مباشرة لقوات الشرطة تقضي بإطلاق النار على كل فلسطيني يحاول دخول الأراضي الإسرائيلية بحثًا عن عمل.
ويأتي هذا القرار في إطار حملة متواصلة تستهدف الفقراء والعمال الفلسطينيين الذين يعيشون ظروفًا اقتصادية صعبة في الضفة الغربية، بعدما تخلت عنهم الحكومة والنقابات منذ أكثر من عامين، ليصبح السعي وراء لقمة العيش مغامرة محفوفة بالرصاص والخطر.
تصاعد العنف الميداني
كشف موقع "واللا" الإسرائيلي الاستخباراتي عن ارتفاع غير مسبوق في عدد حوادث إطلاق النار التي تنفذها شرطة بن غفير ضد الفلسطينيين عند محاولتهم التسلل للعمل داخل إسرائيل.
فمنذ بداية عام 2025، سجل إصابة 106 فلسطينيين بالرصاص في مناطق متفرقة خاصة في منطقة القدس وخط التماس، وهو رقم يفوق بكثير ما تم رصده خلال الأعوام السابقة.
ويشير الموقع إلى أن هذا التصعيد لا يعود إلى تغير رسمي في "سياسة إطلاق النار"، بل إلى تعليمات مباشرة من بن غفير تقضي بالتعامل مع كل من يقترب من الجدار على أنه مخرب محتمل يشكل خطرًا على الأمن الإسرائيلي.
الرصاص أولاً ثم التبرير
تنص التعليمات الجديدة الصادرة عن وزارة الأمن القومي الإسرائيلية على السماح بإطلاق النار في حال وجود "خطر ملموس" على الحياة، لكن تطبيقها الميداني بات أداة لتبرير استخدام القوة ضد المدنيين.
وتشمل التعليمات السماح بإطلاق النار على جسد الفلسطيني مباشرة، مع "تفضيل" إصابته في الجزء السفلي من الجسم، وإذا حاول الهرب وما زال يعتبر "خطرًا"، فيسمح بإطلاق النار على ساقيه لإيقافه.
أما إذا هرب دون أن يشكل خطرًا، فيمنع نظريًا إطلاق النار عليه، لكن الواقع يشير إلى أن هذه القواعد كثيرًا ما تنتهك ميدانيًا دون محاسبة، مما يجعل حياة العمال الفلسطينيين رهينة قرارات سياسية متطرفة.
هل يستحق الباحث عن رزقه رصاصة؟
في تساؤل لافت، طرح موقع "واللا" العبري سؤالًا يعكس الجدل داخل الأوساط الإسرائيلية نفسها: "هل من الصواب معاملة عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين يدخلون إسرائيل كل يوم من أجل العمل كإرهابيين محتملين؟ وهل يبرر ذلك إطلاق النار عليهم في الساقين؟”.
فغالبية هؤلاء العمال لا يحملون تصاريح رسمية نتيجة القيود الأمنية المشددة، ويخاطرون بحياتهم يوميًا لإعالة أسرهم، للكن تحت سلطة بن غفير، أصبح السعي وراء لقمة العيش تهمة تستحق الرصاص بدلًا من الرزق.
إحصاءات تكشف اتساع دائرة الاستهداف
تؤكد البيانات الرسمية أن عدد العمال الفلسطينيين الذين جرى اعتقالهم داخل إسرائيل بدون تصاريح عمل بلغ في عام 2024 نحو 13,118 عاملًا، فيما وصل العدد في عام 2025 إلى 12,456 عاملًا، وهو ما يعكس استمرار ظاهرة "العمال غير النظاميين" في ظل انسداد الأفق الاقتصادي في الضفة الغربية.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن هذه الأعداد مرشحة للارتفاع في ظل إغلاق المعابر وتضييق الخناق الاقتصادي، إلى جانب تفشي البطالة وغياب فرص العمل.
توجه حكومي لتوسيع القمع المنظم
في خطوة تكشف نوايا الحكومة الإسرائيلية لتوسيع حملتها، يخطط بن غفير إلى تعزيز قوات “حرس الحدود” بثماني سرايا جديدة لتكون مهمتها الأساسية إحباط تسلل العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل.
ومن المتوقع أن يتم إقرار هذا التوسع ضمن ميزانية عام 2026، في إطار سياسة أمنية تتبنى الحل العسكري والأمني بدلًا من الحلول الإنسانية والاقتصادية.
ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات ليست سوى تطبيق فعلي لنهج بن غفير اليميني المتطرف، الذي يسعى لتحويل كل مظهر من مظاهر الفقر الفلسطيني إلى تهديد أمني يبرر العنف والإقصاء.
